ما هي زراعة الكلى؟

زراعة الكلى هي إجراء جراحي يُستبدل فيه الكلى التالفة أو التي توقفت عن العمل بشكل نهائي، بكِلية سليمة يتم الحصول عليها إما من متبرع حي أو متبرع متوفى. وتُعد الخيار العلاجي الأمثل للمرضى الذين يعانون من الفشل الكلوي في مراحله الأخيرة، حيث تفقد الكلى قدرتها تمامًا على القيام بوظائفها الحيوية، مثل تنقية الدم والتخلص من السموم.

على عكس غسيل الكلى الذي يُعد علاجًا داعمًا ومؤقتًا، تُعيد زراعة الكلى الوظيفة الكلوية بشكل شبه طبيعي، مما ينعكس على جودة حياة المريض بشكل واضح، ويمنحه حرية أكبر، وطاقة أكثر، وفرصة للعيش بصورة صحية ومستقلة على المدى الطويل.

‍

من يحتاج إلى زراعة الكلى؟

زراعة الكلى ليست مخصصة فقط لمن يعانون من فشل كلوي تام، بل يمكن التفكير بها كخيار علاجي في الحالات التالية:

• المرضى المصابون بـ الفشل الكلوي المزمن المتقدم.
• من يخضعون بالفعل إلى جلسات غسيل كلى طويلة الأمد.
• من هم على وشك بدء الغسيل الكلوي.
• المرضى المصابون بأمراض مزمنة تُسبب تدهور الكلى مثل:
  • السكري
  • ارتفاع ضغط الدم المزمن
  • تكيس الكلى الوراثي
  • الأمراض المناعية الذاتية (مثل الذئبة الحمراء)

لكن لا بد أن يكون المرشح للزراعة قادرًا جسديًا على تحمّل الجراحة، ومستعدًا نفسيًا للالتزام بنظام علاجي مدى الحياة يتضمن تناول أدوية مثبطة للمناعة ومتابعة طبية دقيقة.

كيف تتم زراعة الكلى؟ خطوات العملية بالتفصيل

1. التقييم والتجهيز

قبل إجراء الزراعة، يتم تقييم حالة المريض بشكل دقيق من خلال:

• تحاليل الدم والفحوصات العامة لتحديد مدى الجاهزية الجسدية.
• تصوير الكلى والمثانة لضمان إمكانية توصيل الكلية الجديدة.
• مطابقة فصيلة الدم والأنسجة بين المريض والمتبرع لتقليل احتمالات الرفض المناعي.
• تقييم نفسي وغذائي شامل للتحقق من القدرة على التعايش مع الزراعة والالتزام بالعلاج.

2. اختيار المتبرع

يوجد نوعان رئيسيان للمتبرعين:

• المتبرع الحي: عادةً يكون أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء، ويتميز بنتائج أفضل على المدى الطويل بسبب توقيت العملية المخطط له وجودة الكلية المزروعة.
• المتبرع المتوفى دماغيًا: يتم تسجيل المرضى على قائمة انتظار وطنية وتتم مطابقة العضو بناءً على التوافق النسيجي والحالة الصحية للمريض.

3. الجراحة

• تُجرى العملية تحت التخدير العام، وتستغرق عادةً 3 إلى 4 ساعات.
• يتم وضع الكلية الجديدة في الجزء السفلي من البطن، ويتم توصيلها بالأوعية الدموية والمثانة.
• في معظم الحالات، لا يتم إزالة الكلى التالفة القديمة، ما لم تكن تسبب مشاكل إضافية.
• يبدأ تدفق البول من الكلية المزروعة في غضون ساعات أو أيام من العملية.

4. المتابعة والرعاية بعد الزراعة

• يُقيم المريض في المستشفى بين 5 إلى 10 أيام، حسب سرعة الاستجابة.
• يبدأ فورًا في تناول أدوية مثبطة للمناعة لتقليل خطر رفض الكلية الجديدة.
• تتم مراقبة دورية دقيقة لوظائف الكلى وتحاليل الدم.
• الدعم الغذائي والنفسي يُعد عنصرًا أساسيًا في نجاح الرحلة.

‍

فوائد زراعة الكلى

زراعة الكلى تُعتبر نقلة نوعية في حياة من يعاني من الفشل الكلوي، ومن أبرز فوائدها:

• تحسين جودة الحياة: التخلص من الغسيل الكلوي المرهق والقيود الصارمة في الغذاء والسوائل.
• تحسين البقاء على قيد الحياة: خصوصًا للمرضى صغار السن أو من لديهم أمراض مزمنة مترافقة.
• زيادة النشاط والطاقة البدنية.
• تحسن الخصوبة والتوازن الهرموني.
• تقليل التكاليف على المدى الطويل مقارنة بالغسيل الكلوي المزمن.
• تحقيق استقلالية يومية في السفر، العمل، والحياة الاجتماعية.

زراعة الكلية من متبرع حي: المشاركة في الحياة

التبرع الحي لا يختصر فقط فترة الانتظار، بل يمنح فرصة لنتائج أفضل واستقرار وظيفي للكلية المزروعة لفترات أطول. ومن الجوانب المهمة في هذا النوع من الزراعة:

• تقييم شامل للمتبرع لضمان سلامته الكاملة.
• عملية التبرع آمنة، ولا تؤثر على صحة الكلية المتبقية.
• يتم توفير دعم نفسي وقانوني للمتبرعين لضمان فهم القرار والتعايش مع ما بعد العملية.
• غالبًا ما تُجرى العمليتان (التبرع والزراعة) في نفس الوقت لتقليل زمن البقاء في المستشفى.

معدل النجاح والمخاطر المحتملة

رغم أن زراعة الكلى تُعد من أنجح عمليات زراعة الأعضاء، إلا أنها لا تخلو من بعض التحديات والمخاطر المحتملة، مثل:

• رفض العضو المزروع (حاد أو مزمن).
• العدوى نتيجة الأدوية المثبطة للمناعة.
• جلطات دموية أو مضاعفات جراحية.
• آثار جانبية للأدوية مثل ارتفاع الضغط أو السكري الثانوي أو هشاشة العظام.
• تحديات نفسية في التكيف مع مرحلة ما بعد الزراعة.

مع ذلك، فإن نسبة النجاح تُعد مشجعة جدًا:

• في حال الزراعة من متبرع حي، تصل نسبة النجاح إلى 95–98% خلال السنة الأولى.
• أما في حال الزراعة من متبرع متوفى، فالنسبة تتراوح بين 90–95%.
• وتستمر الكلية المزروعة في العمل لدى كثير من المرضى ما بين 10 إلى 20 عامًا أو أكثر.

‍

هل زراعة الكلى هي الخيار الصحيح لك؟

القرار بإجراء زراعة كلى لا يُؤخذ باستخفاف. يتطلب الأمر استعدادًا نفسيًا وجسديًا والتزامًا بنمط حياة جديد. لكن في المقابل، فإن هذا الخيار قد يفتح بابًا لحياة أكثر حرية وراحة وصحة.

وبينما تختلف رحلات العلاج من شخص لآخر، تبقى التفاصيل الدقيقة والتوجيه المستمر في كل خطوة عنصرًا حاسمًا في نجاح الزراعة. هناك من يرافقك بهدوء ويعتني بك منذ لحظة وصولك، يحرص على راحتك، ويقدم لك الدعم الحقيقي في كل مرحلة، سواء في التقييم، أو التوجيه، أو المتابعة بعد العملية.

‍